اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 89
أما قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} يقول: عبادي الذين استخلصهم الله لدينه ليس لإبليس عليهم سلطان، أن يضلهم في دينهم أو في عبادة ربهم، ولكنه يصيب منهم من قِبَلِ الذنوب، فأما في الشرك فلا يقدر إبليس أن يضلهم عن دينهم؛ لأن الله سبحانه استخلصهم لدينه. وأما قوله موسى: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} يعني: من تزيين الشيطان، كما زين ليوسف ولآدم وحواء، وهم عباد الرحمن المخلصون. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة[1]. [1] انظر: تفسير الطبري "34/14" "46/20" وتفسير ابن كثير "596/2" "399/3. شك الزنادقة في قوله: {الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}
...
وأما قول الله للكفار:
{الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية: 34] .
وقال في آية أخرى: {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه: 52] .
فشكُّوا في القرآن[2].
أما قوله: {الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يقول: نترككم في النار {كَمَا نَسِيتُمْ} كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا. [2] قال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ} [الأعراف: 51] الآية.
وأمثالها من الآيات كقوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] وقوله: {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 126] وقوله: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ} [الجاثية: 34] الآية. لا يعارض قوله تعالى: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه: 52] وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] ، لأن معنى {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ} ونحوه، أي نتركهم في العذاب محرومين من كل خير، والله تعالى أعلم.
انظر: دفع إيهام الاضطراب "94/10".
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 89